مقدمة

   قصائد هذا الديوان، كتبها رئيس عصبة الزجل اللبناني في أستراليا الشاعر عصام ملكي، وأهداها لي، خلال سنوات رحلتنا مع الغربة. أي أنها كتبت على فترات متتالية، منذ أربعين سنة تقريباً ولغاية يومنا هذا.
   والرائع في هذه القصائد أنها تدل على محبّة الشعراء وتقديرهم لبعضهم البعض، رافضة المثل القائل: أصحاب المهنة الواحدة هم أشد الأعداء.
   ومن لا يعرف ابن بشمزين الكورة، تلك القرية الغارقة في الشعر والادب والثقافة والكرم، أخبره أن عصام ملكي ينظم الشعر وهو يتكلّم، أي أنه يفيض شعراً لدرجة لا يعرف معها ماذا يفعل بقصائده الكثيرة الرائعة، رغم حفظه لها بمجلدات أطلق عليها: ديوان الملكي الأول والثاني والثالث والرابع.. إلى آخره، زائد مجموعات شعرية كثيرة جمعها في كتب عادية.
   وليس هذا فحسب، بل أنه نشر مئات القصائد بأسماء مستعارة مثل: طه قمر الدين، جورج نجار، استيفانوس استيفانوس، زهير طالب، أمين صادق، استيفانوس عودة، عبدالله عبدالله وموس نجار، وغيرهم ممن لم أتذكر أسماءهم.
   هؤلاء كلهم "عصام ملكي"، والقصائد التي نشرها بأسمائهم تتنوّع بين الشعر الفصيح، الكلاسيكي منه والحديث، والشعر الزجلي بكافة أشكاله. وما على الباحثين في أدب المهجر الأسترالي سوى الانتباه لهذه الناحية كي لا يختلط الحابل بالنابل، ويثبتون أسماء لا وجود لها في أدبنا الاغترابي.
   وقد تتعجبون اذا قلت لكم أن "الملكي" لم يكن يعلم أنني أحتفظ بمعظم ما أهداني من قصائد، كي لا أقول الكل، لأن الكثير منها قد ضاع وللأسف، كونه كان يكتبها لي على أوراق "الرافل تيكت" أو "الكلينكس" في الحفلات التي كنا نلتقي بها، أو كان يسمعني إياها على الهاتف، فأكتبها في كثير من الأحيان على كف يدي كي لا تضيع.
   لقد تعبت كثيراً من أجل حفظها، وساعدني في ذلك قريبي كلارك بعيني، شفاه الله، إذ نشر الكثير منها في سلسلة كتبه "شربل بعيني بأقلامهم" التي تعتبر الموسوعة الأشمل لأدبنا المهجري، كونها تحتوي على آلاف المقالات والقصائد التي كتبت عني سلباً أم ايجاباً مع أسماء أصحابها وتاريخ نشرها.
   وقد يقول قائل: وما نفع هذه القصائد التي لا تتكلّم إلا عن شخص واحد؟
   لهذا القائل أقول: عظمتها.. إنها تؤرّخ لمرحلة مهمة من تاريخ اغترابنا، وتثبت للجميع أن أصحاب الكلمة الحقة أخوة، أكثر مما هم أصدقاء، وأن الشعر الجميل الصادق لا يرمى في سلّة المهملات. وصدقوني أنني لم أجد أصدق من هذه الأشعار "العصامية". فتنعّموا بها إذن. وألف شكر يا اخي عصام على تخليدك لي بكلمات أسمى من الكلمات.
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا